إجتماعية

فاطمة.. الحب الذي نسج خيوطه في واشنطن وذُبح في مطار صنعاء

المستقلة خاص ليمنات

في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية كان فاطمة وأسامة طفلان يمنيان يدرسان في إحدى المدارس العربية هناك، فأسرتيهما كانتا قد غادرتا اليمن في مطلع الثمانينات إلى أمريكا كغيرهما من اليمنيين الذين اغتربوا بحثاً عن لقمة العيش، وكانت صداقة قوية تجمع بين والد أسامة ووالد فاطمة منذ الطفولة فعمقته الغربة أكثر فضلاً عن كونهما ينتميان إلى منطقة واحدة..

أخذت العلاقة بين أسامة وفاطمة تنموا وتترعرع يوماً بعد يوم تحرسها براءة الطفولة ورعاية الأسرتين وأسلوبها التربوي المنبثق من عادات وتقاليد البلد الأصل، فلقد ظلت الأسرتين تحافظ على تلك التقاليد وتحاول قدر الإمكان أن لا تنعكس أو يؤثر أسلوب ونمط الحياة في أمريكا على  العلاقة بين البنت والولد.


مرت السنوات ووقف أسامة وفاطمة على أبواب  سن الرشد، وتدفق نهر الحب بينهما بغزارة  وعاهد كل منهما الآخر على الوفاء وعدم التفريط بعلاقتهما المتينة مهما كانت الظروف والصعوبات وحين بلغ الحب عنفوانة بين أسامة وفاطمة فاجئهم والد أسامة بقرار العودة إلى الوطن وقد صدم ذلك القرار المفاجئ صديقه علي لكنه أقنعه بأهمية العودة إلى الوطن وأنه سيعمل على استثمار الأموال التي كان قد وفرها خلال غربته تلك في اليمن.

لم يمانعه كثيراً وبارك له تلك الخطوة، ولكن وفي تلك اللحظات التي كان يتناقشان حول مسألة السفر كانت عينا أسامة تغرورق بالدموع فنظر إليه علي صديق والده وسأله لماذا تبكي ألا تريد العودة إلى الوطن لكن اسامة لم يرد فأدرك علي  سر دموعه وقال له أطمئن فاطمة لك وسنزور الوطن العام القادم كان لقرار السفر من قبل والد أسامة الأثر الموجع والمفزع على فاطمة وأسامة فقد ذرفت فاطمة الدموع كثيراً وقالت لأسامة أنني لا أتخيل الحياة هنا في أمريكا بدونك فماذا يمكنني أن أفعل لأقنع والدي لأعود، رد عليها أسامة بما قال له والدها والذي كان على علم بعلاقة الحب التي تربط أسامة وابنته فاطمة.

عادت أسرة أسامة إلى اليمن حيث استقرت  في العاصمة صنعاء وبدأ والد أسامة بممارسة بعض الأعمال التجارية والتحق أسامة في إحدى المدارس الخاصة لاستكمال دراسته الثانوية وظل أسامة على تواصل مع حبيبته فاطمة في أمريكا عبر النت والتي كان قد ترك جزء من روحه فيهالترفرف على فاطمة أينما سارت أو مكثت .

مرت الأيام الأولى بصعوبة على فاطمة وأسامة دون شك ولكن مع مرور الوقت بدأت تخفت لوعة الفراق التي كانا يشعران بها، حيث تعرف أسامة على أصدقاء جدد له في المدرسة  وأبعده الاختلاط بهم عن التفكير بطيف محبوبته فاطمة..

لاحظ والد أسامة تغيرات كبيرة في حياة ابنه  وأستبشر فيه خير.. فقد أضحى حريصاٌ على قضاء معظم وقته في المسجد، وكان حريصاً على حفظ القرآن وكثيراً ما كان يصطحبه أصدقاؤه إلى حلقات الدروس والمحاضرات التي يقيمها بعض مشائخ الدين.. لقد أخذ ذلك التغير يتجلى على سلوك أسامة وينعكس سلباً على علاقته بحبيبته فاطمة.. والتي كانت ذات مرة قد أرسلت له صورة تجمعها مع زملاء لها في الدراسة كانوا على معرفة بأسامة لكنه وجه لها توبيخاً شديد اللهجة لم تكن تتوقعه.

بعد مرور عام ونصف من الفراق عادت فاظمة وأسرتها إلى اليمن وكان قلبها يهتف بإسم أسامة وجسدها يتراقص اشتياقاً للحظات اللقاء فاتصلت به وبشرته بعودتها وطلبت منه الحضور إلى منزل والدها.. أرتجف أسامة وهزته الأشجان لعصفورة حبه.. حاول أن يقاوم إعصار شوقه لفاطمة لكنه لم يتمكن من مقاومته فتوجه مسرعاً إليها التي ما أن رأته حتى اندفعت إلى أحضانه تقبله متناسية أنها في اليمن ذات التقاليد المحافظة.. لم تستمر لحظات العناق كثيراً فقد دفعها أسامة بعيداً عنه وطلب منها عدم تكرار ذلك، كون مثل تلك التصرفات أمر يحرمه الدين.. تأثرت فاطمة من ذلك الموقف والمقابلة التي قابلها بها أسامة فكتمت في نفسها ذلك الشعور  وواصلت حديثها مع أسامة بالسؤال عن أحواله.. استمر اللقاء بينهما لأكثر من نصف ساعة ألقى على مسامعها الكثير من فتاوى التحريم والتجريم وغيرها من المسائل التي لم تفهم معانيها غير أنه أكد لها أن حبها ما زال عالقاً في قلبه كما كان سابقاً..

انفرجت أسارير فاطمة عند سماعها العبارة الأخيرة وتكررت اللقاءات بينهما وفي كل لقاء كانت تكتشف  متغيراً جديداً في شخصية أسامة إلى جانب تأكيدات لحبه الصادق لها، وأمام تلك التناقضات وجدت فاطمة نفسها في حيرة من أمرها في كيفية التعاطي الإيجابي مع حبيبها الذي أصبح بارعاً في الخوض بقضايا الدين وإصدار الفتاوى السريعة فيها.

قررت فاطمة أن تناقش قضية زواجها بأسامة مع والدها وتطرح أمامه تلك المتغيرات التي لاحظتها عليه حتى تستطيع اتخاذ القرار المناسب قبل عقد القران الذي تم تحديده بعد شهر..

طرحت لوالدها تلك الملاحظات لكنها وجدت من والدها رداً إيجابياً بأسامة، وأكد على ضرورة  الالتزام الديني وأهمية معرفة التعاليم الإسلامية وعلى التزام المرأة والرجل المسلم بكل تلك التعاليم وقال لها نحن لم نقصر معك قد علمناك كل شيء والحمد لله أنت على درجة عالية من الالتزام.. ووعدها بأنه سيلتقي بأسامة وسيعمل على معرفة كل ما يفكر به حتى يفهم المتغيرات التي تتحدث عنها..

طلب أسامة من والده أن يطلب من عمه علي سرعة إجراء عقد قرانه بفاطمة وأمام إصراره أتصل والد أسامة بصديقه علي طالباً منه أن يجري عقد قران فاطمة بأسامة، وأمام إلحاحه وافق والد فاطمة على عقد القران مشترطاً تأجيل مراسيم الزفاف حتى تستكمل فاطمة دراستها والتي لم يتبقى لها سوى ثمانية أشهر، هناك في أمريكا، تم الاحتفال بعقد القران، رغم أن فاطمة كانت قد طلبت من والدها تأجيل عقد القران لفترة زمنية لكي تعرف المزيد عن المتغيرات التي حدثت لأسامة  ولكن الأمر قد قضي وتم عقد القران وبعد مرور خمسة أيام تفاجأ والد أسامة من طلب ابنه الذي رفض سفر فاطمة إلى أمريكا كون ذلك يعد حراماً، رد عليه والده بقسوة معنفاً بأنه لا يجب النكث بما تم الاتفاق عليه فقط كان ذلك الشرط الأساسي لموافقة عمك على عقد القران ولا يمكن التراجع عنه فرد عليه أسامة بالقول بأن ذلك شرطاً يحرمه الإسلام أشتد الجدل بينهما فاستشاط والده ووجه لأسامة صفعة قوية، في الخد فرد عليه أسامة بالقول سأمنعه بقوة الشرع فما كان من والده إلا أن رد عليه يعني ذلك أنني سأتبرأ منك إلى الأبد.

حاول أسامة ثني فاطمة عن قرار سفرها إلى أمريكا لكنها رفضت بشدة ذلك الطلب حاولت أن تقنعه لكنه ظل متمسكاً بقوله ذلك ضد الشرع لم يتوانى أسامة من مواجهة والد فاطمة بمطلبه وإصراره الشديد على عدم سفر فاطمة فأصطدم والد فاطمة بموقف أسامة وحججه الواهية رغم أن ذلك كان الشرط الأساسي لعقد القران.

اتصل والد فاطمة بصديقه والد أسامة والذي بدوره أعلمه بما جرى في اليوم الأول بينه وبين أسامة..

تسارعت الأحداث حيث طالب والد فاطمة بطلاق ابنته من أسامة، وعمل على استكمال إجراءات السفر له ولابنته وعلم أسامة بموعد سفرها فجن جنونه، ترجى فاطمة بالتراجع عن قرارها ولكنها أقفلت سماعة التلفون في وجهه ظل يتقلب بين جمرات الأمر الذي فرض عليه فلم يجد من حل سوى أن يذهب إلى منزل عمه والد فاطمة في محاولة أخيرة منه لإنقاذ الموقف، وحين وصل كان قد غادرا المنزل إلى المطار قبل نصف ساعة من وصوله.. استقل سيارة خاصة إلى المطار ليجد حبيبته فاطمة واسرتها يستعدان للخروج من السيارة والدخول إلى المطارخ فصرخ فاطمة، وأخرج مسدساً ليوجه ثلاث رصاص في صدر عمه علي والذي أسعف إلى المستشفى، فيما صرخت فاطمة لا أريدك يا قاتل وجثت على جسد والدها.. لم يمت والد فاطمة فيما القي القبض على أسامة.

زر الذهاب إلى الأعلى